جامعة المنصورة التى نفخر بها جميعاً والتى علمتنا منذ د. محمد غنيم معنى البحث العلمى والمنهج العلمى فى التفكير، صار مركزها الإعلامى يبيع الوهم ويرسل رسالة بالإيميل بأن أستاذاً هناك اخترع دواء لفيروس سى!!، هكذا دون أن يعلم طبيب كبد فى مصر، ودون أن تعلم دورية طبية علمية للكبد محكمة دولياً، ودون أن تعلم جائزة نوبل أو مؤتمر الكبد الأوروبى أو الأمريكى!!، ولأن معلوماتى المتواضعة تقول إنه لم يعد مكان لما يسمى «البحث العلمى السرى» الذى يجرى تحت بير السلم، فما أزعجنى فى هذا الكلام أنه صادر عن مركز إعلام الجامعة، وهذا يعنى أن الجامعة موافقة على هذا الكلام، ولو كان هذا الكلام إعلاناً طبياً على قناة الفراعين أو الناس أو ميلودى مثل إعلان اللاصقة السحرية أو المصنف الأول على الرقية الشرعية، لتسامحنا معه ولم نعره اهتماماً، لكنه كلام رسمى من الجامعة، وسأحكى لكم القصة

وصلتنى الرسالة من مركز الإعلام بجامعة المنصورة تقول: «قدم الدكتور ف. ب، أستاذ قسم العقاقير والحاصل على جائزة أحسن مخترع مصرى من المنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو)، عقاراً جديداً لعلاج الإصابة بفيروس سى يتم تصنيعه بتقنيات بسيطة دون اللجوء إلى التكنولوجيا المعقدة، باهظة التكاليف، والعقار الجديد والمكون من مواد طبيعية موجودة فى مصر يعمل على زيادة إنتاج مادة الإنترفيرون بجسم الإنسان وبعض الخلايا المناعية القاتلة للفيروسات، ويتكون المستحضر الجديد من بعض المنتجات الطبيعية من الأعشاب الطبيعية ذات البنية الكيميائية الخاصة، التى لها القدرة على زيادة الإنترفيرون الذاتى، والدواء مستخلص من مواد طبيعية هى (الكندر، العرقسوس، الكركم)، وتم اختبار العقار معملياً قبل استخدامه على الإنسان، وتم تقييم المستحضر إكلينيكياً على أكثر من 3750 مريضاً بالفيروس الكبدى سى فى مصر والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية وليبيا وفرنسا، وقد وجد أن هذا العقار يتميز بقدرته الكبيرة على خفض معدل إنزيمات الكبد ومستوى الصفراء فى الدم وتحسين مستوى الألبومين، وأنه لم يثبت وجود أى عرض جانبى نتيجة استخدام هدا العقار بالجرعات المحددة، واستخدامه يؤدى إلى انخفاض إنزيمات الكبد فى فترة تتراوح بين أسبوعين وثلاثة أسابيع، وتم إنتاجه فى معمل أبحاث الكبد بصيدلة المنصورة فى شكل كبسولات جيلاتينية، وتم إعداد ملف كامل عن العقار يفى بكل المتطلبات اللازمة لإنتاج هذا العقار على أسس علمية

عرضت الأمر على د. جمال شيحة أستاذ الكبد بالمنصورة، الذى أكد أنها مجرد بروباجندا غير علمية تقلل من درجة احترام الجامعة ومصداقيتها، ويتحدى «شيحة» أن يأتى الباحث بأى بحث علمى منشور فى مجلة دولية علمية، ويتساءل: كيف ومتى أجرى مرحلة 2 و 3 و4، وبأى مقياس علمى وأخلاقى أجرى أبحاثه على البشر، ومن الذى منحه الترخيص ومتى حصل عليه؟، ومن من أطباء الكبد تابع تحسن الحالات وفى أى معمل تم ذلك؟، وما نسبة النجاح ولماذا لم يحددها؟، ويقول: يا سلام وكمان فرنسا وأمريكا قبلتا إجراء تجارب الباحث المصرى على مرضاهما

يطلق د. جمال شيحة على ما حدث فضيحة علمية، ويعتذر للمجتمع العلمى فى مصر والعالم عنها من طبيب ينتمى إلى هذه الجامعة العريقة